الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
شرح غريب ألفاظ الحديث:قولها: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، يعني، أنهما كانا ينقادان إلى الطاعة، وبرك الغماد بفتح الباء من برك وكسر الغين المعجمة اسم موضع بينه وبين مكة خمس ليال مما يلي ساحل البحر إلى المدينة من بلاد غفار.وقيل: هو قليب ماء لبني ثعلبة.قوله: تكسب المعدوم فيه قولان: أحدهما: أنه لقوة سعده وحظه من الدنيا لا يتعذر عليه كسب كل شيء حتى المعدوم الذي يتعذر كسبه على غيره.والقول الثاني: إنه يملك الشيء المعدوم المتعذر لمن لا يقدر عليه ففيه وصفة بالإحسان والكرم والكل ما يثقل حمله من حقوق الناس وصلة الأرحام والقيام بأمر العيال وإقراء الضيف ونوائب الحق ما ينوب الإنسان من المغارم وقضاء الحقوق لمن يقصده أنا لك جار أي حام وناصر ومدافع عنك والاستعلان إظهار المخفي.وقوله: فينقذف النساء عليه يعني يزدحمن عليه والذمة العهد والأمان وإخفاؤها نقضها.واللابة: الجبل.والحرة: الأرض التي تعلوها حجارة سود.يقال: افعل الشيء على رسلك بكسر الراء أي على هينتك.والراحلة: البعير القوي على الحمل والسير، والظهيرة: وقت شدة الحر والنطاق: حبل أو نحوه تشد به المرأة وسطها وترفع ثوبها من تحته فتطعف طرفًا من أعلاه إلى أسفله لئلا يصل إلى الأرض.وقولها: ثقف لقن.يقال: ثقف الرجل ثقافة إذا صار حاذقًا فطنًا واللقن السريع الفهم.والإدلاج: بتخفيف الدال سير أول الليل وبتشديدها سير آخره والمنحة الشاة ذات اللبن والرسل بكسر الراء وسكون السين هو اللبن يقال: نعق الراعي بالغنم إذا دعاها لتجتمع إليه.والغلس ظلام آخر الليل.والخريت: تقدم شرحه في الحديث وهو الماهر بالهداية وأراد به هداية الطريق فهو الدليل.وقد غمس حلفًا يقال: غمس فلان حلفًا في آل فلان إذا أخذ بنصيب من عهدهم وحلفهم والأسودة الأشخاص.والأكمة: التل المرتفع من الأرض.يقال: قرب الفرس يقرب تقريبًا إذا عدا عدوًا دون الإسراع والكناية هي الجعبة التي تجعل فيها السهام والأزلام القداح التي كانوا يستقسمون بها عند طلب الحوائج كالفأل والعثان الغبار.يقال: ما رزأت فلانًا شيئًا أي ما أصبت منه شيئًا والمراد أنهم لم يأخذوا منه شيئًا وقوله أوفى أي أشرف وأطلع.والأطم: البناء المرتفع كالحصن، وقوله: مبيضين هو بكسر الياء أي: هم ذو ثياب بيض والمربد الموضع يوضع فيه التمر كالبيدر.وقوله: هذا الحمال هو بالحاء المهملة يعني هذا الحمل والمحمول من اللبن أبر عند الله وأطهر وأبقى ذخرًا وأدوم منفعة في الآخرة لأحمال خيبر يعني ما يحمل من خيبر من التمر والزبيب والطعام المحمول منها.والمعنى: أن ذلك الحمل الذي نحمله من اللبن لأجل عمارة المسجد أفضل عند الله مما يحمل من خيبر وقد روى هذا الجمال بالجيم من التجمل، والرواية الأولى أشهر وأكثر والله أعلم قال الزهري: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الغار أرسل الله سبحانه وتعالى زوجًا من حمام حتى باضتا في أسفل النقب ونسجت العنكبوت بيتًا.وقيل: أتت يمامة على فم الغار وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أعم أبصارهم» فجعل الطلب يضربون يمينًا وشمالًا حول الغار يقولون لو دخلا هذا الغار لتكسر بيض الحمام وتفسخ بيت العنكبوت ووجدت في بعض التفاسير شعرًا وقد نسب إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وهو قوله:
وقوله سبحانه وتعالى: {فأنزل الله سكينته عليه} يعني فأنزل الله الطمأنينة والسكون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس عن أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عليه السكينة من قبل ذلك. .فصل: في الوجوه المستنبطة من هذه الآية الدالة على فضل سيدي أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اختفى في الغار من الكفار كان مطلعًا على باطن أبي بكر الصديق في سره وإعلانه وأنه من المؤمنين الصادقين الصديقين المخلصين فاختار صحبته في ذلك المكان المخوف لعمله بحاله.ومنها: أن هذه الهجرة كانت بإذن الله فخصّ الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم أبا بكر دون غيره من أهله وعشيرته وهذا التخصيص يدل على شرف أبي بكر وفضله على غيره.ومنها: أن الله سبحانه وتعالى عاتب أهل الأرض بقوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله} سوى أبي بكر الصديق وهذا دليل على فضله.ومنها: أن سيدنا ابا بكر رضي الله تعالى عنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ولا حضر بل كان ملازمًا له وهذا دليل على صدق محبته وصحة صحبته له ومنها مؤانسته للنبي صلى الله عليه وسلم في الغار وبذل نفسه له وفي هذا دليل على فضله.ومنها: أن الله سبحانه وتعالى جعله ثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه وتعالى: {ثاني اثنين إذ هما في الغار} وفي هذا نهاية الفضيلة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه.وقد ذكر بعض العلماء أن أبا بكر كان ثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر الأحوال ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الخلق إلى الإيمان بالله فكان أبو بكر أول من آمن ثم دعا أبو بكر إلى الإيمان بالله ورسوله فاستجاب له عثمان وطلحة والزبير فآمنوا على يدي أبي بكر ثم حملهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقف في موقف من غزواته إلا وأبو بكر معه في ذلك الموقف ومنه أنه لما مرض صلى الله عليه وسلم قام مقامه في الإمامة فكان ثانيه ومنها أنه ثانيه في تربته صلى الله عليه وسلم وفي هذا دليل على فضل أبي بكر الصديق ومنها أن الله سبحانه وتعالى نص على صحبة أبي بكر دون غيره بقوله سبحانه وتعالى: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن} ومنها أن الله سبحانه وتعالى كان ثالثهما ومن كان معه دل على فضله وشرفه على غيره ومنها إنزال السكينة على أبي بكر واختصاصه بها دليل على فضله والله أعلم.وقوله سبحانه وتعالى: {وأيده بجنود لم تروها} يعني: وأيد النبي صلى الله عليه وسلم بإنزال الملائكة ليصرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته.وقل: ألقى الرعب في قلوب الكفار حتى رجعوا وقال مجاهد والكلبي: أعانه بالملائكة يوم بدر فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه نصره وصرف عنه كيد الأعداء وهو في الغار في حالة القلة والخوف ثم نصره بالملائكة يوم بدر {وجعل كلمة الذين كفروا السفلى} يعني كلمة الشرك فهي سفلى إلى يوم القيامة {وكلمة الله هي العليا عزيز حكيم} قال ابن عباس: هي كلمة لا إله إلا الله فهي باقية إلى يوم القيامة عالية.وقيل: إن كلمة الذين كفروا هي ما كانوا قدروها فيما بينهم من الكيد للنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه وكلمة الله هي ما وعده من النصر والظفر بهم فكان ما وعد الله سبحانه وتعالى حقا وصدقًا. اهـ..قال أبو حيان: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}ألا تنصروه فيه انتفاء النصر بأيّ طريق كان من نفر أو غيره.وجواب الشرط محذوف تفسيره: فسينصره، ويدل عليه فقد نصره الله أي: ينصره في المستقبل كما نصره في الماضي.وقال الزمخشري: (فإن قلت): كيف يكون قوله تعالى: {فقد نصره الله} جوابًا للشرط؟ (قلت): فيه وجهان: أحدهما: فسينصره، وذكر معنى ما قدمناه.والثاني: أنه تعالى أوجب له النصرة وجعله منصورًا في ذلك الوقت فلم يخذل من بعده انتهى.وهذا لا يظهر منه جواب الشرط، لأنّ إيجاب النصرة له أمر سبق، والماضي لا يترتب على المستقبل، فالذي يظهر الوجه الأول.ومعنى إخراج الذين كفروا إياه: فعلهم به ما يؤدي إلى الخروج، والإشارة إلى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.ونسب الإخراج إليهم مجازًا، كما نسب في قوله: {التي أخرجتك} وقصة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر مذكورة في السير.وانتصب ثاني اثنين على الحال أي: أحد اثنين وهما: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه.وروي أنه لما أمر بالخروج قال لجبريل عليه السلام: «من يخرج معي؟» قال: أبو بكر.وقال الليث: ما صحب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثل أبي بكر.وقال سفيان بن عيينة: خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله: {إلا تنصروه}.قال ابن عطية: بل خرج منها كل من شاهد غزوة تبوك، وإنما المعاتبة لمن تخلف فقط، وهذه الآية منوهة بقدر أبي بكر وتقدمه وسابقته في الإسلام.وفي هذه الآية ترغيبهم في الجهاد ونصرة دين الله، إذ بين فيها أنّ الله ينصره كما نصره، إذ كان في الغار وليس معه فيه أحد سوى أبي بكر.وقرأت فرقة: ثاني اثنين بسكون ياء ثاني.قال ابن جني: حكاها أبو عمرو، ووجهه أنه سكن الياء تشبيهًا لها بالألف.والغار: نقب في أعلى ثور، وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة، مكث فيه ثلاثًا.هذ هما: بدل.وإذ يقول: بدل ثان.وقال العلماء: من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله تعالى، وليس ذلك لسائر الصاحبة.وكان سبب حزن أبي بكر خوفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهاه الرسول تسكينًا لقلبه، وأخبره بقوله: {إن الله معنا}، يعني: بالمعونة والنصر.وقال أبو بكر: يا رسول الله إنْ قتلتُ فأنا رجل واحد، وإنْ قتلْتَ هلكت الأمة وذهب دين الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟» وقال أبو بكر رضي الله عنه:{فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} قال ابن عباس: السكينة الرحمة.وقال قتادة في آخرين: الوقار.وقال ابن قتيبة: الطمأنينة.وهذه الأقوال متقاربة.والضمير في عليه عائد على صاحبه، قاله حبيب بن أبي ثابت، أو على الرسول قاله الجمهور، أو عليهما.وأفرده لتلازمهما، ويؤيده أنّ في مصحف حفصة: فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما.والجنود: الملائكة يوم بدر، والأحزاب، وحنين.وقيل: ذلك الوقت يلقون البشارة في قلبه، ويصرفون وجوه الكفار عنه.والظاهر أن الضمير عليه عائد على أبي بكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ثابت الجأش، ولذلك قال: لا تحزن إن الله معنا.وأنّ الضمير في وأيده عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء:{لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه} يعني الرسول، وتسبحوه: يعني الله تعالى.وقال ابن عطية: والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم، والخصائص التي لا تصلح إلا لهم كقوله: {فيه سكينة من ربكم} ويحتمل أن يكون قوله: {فأنزل الله سكينته} إلى آخر الآية يراد به ما صنعه الله لنبيه إلى وقت تبوك من الظهور والفتوح، لا أن يكون هذا يختص بقصة الغار.و{كلمة الذين كفروا} هي الشرك، وهي مقهورة.{وكلمة الله}: هي التوحيد، وهي ظاهرة.هذا قول الأكثرين.وعن ابن عباس: كلمة الكافرين ما قرروا بينهم من الكيد به ليقتلوه، وكلمة الله: أنه ناصره.وقيل: كلمة الله لا إله إلا الله، وكلمة الكفار قولهم في الحرب: يا لبني فلان، ويا لفلان.وقيل: كلمة الله قوله تعالى: {لأغلبن أنا ورسلي} وكلمة الذين كفروا قولهم في الحرب: أعل هبل، يعنون صنمهم الأكبر.وقرأ مجاهد وأيده والجمهور وأيده بتشديد الياء.وقرئ: وكلمة الله بالنصب أي: وجعل.وقراءة الجمهور بالرفع أثبت في الإخبار.وعن أنس رأيت في مصحف أبيّ: وجعل كلمته هي العلياء، وناسب الوصف بالعزة الدالة على القهر والغلبة، والحكمة الدالة على ما يصنع مع أنبيائه وأوليائه، ومن عاداهم من إعزاز دينه وإخماد الكفر. اهـ.
|